السبت، 27 يونيو 2009

سـحــر الـمـعــزبــة



عندما تخطئ كنا لا نرى خطأها، و عندما تفعل شيء جميل كنا نراه بروعة الدنيا! هذه باختصار كانت مشاعرنا اتجاه خادمة منزلنا  "أنيتا"


دخلت أنيتا منزلنا لأول مره قبل ١٧ عام آتية من بلدتها الفلبين، كانت في الـ ٤٢ من العمر، استطاعت بشكل مباشر الدخول الى قلوبنا، ليس لانها جيدة، و انما لأنها ببساطة " تدخل القلب " !


مرت السنين، كبرنا و كبرت انيتا، زادت متطلباتنا، و قل نشاطها، استقوت صحتنا و ضعفت صحتها، و لكن مازلنا نحبها


افادتنا كثيرا و افدناها اكثر، ضرتنا كثيرا و لم نضرها ابدا، كيف ضرتنا؟ بكل بساطة كانت تسرق بعض حاجياتنا و عند اكتشافنا، كنا نلتفت للناحية الاخرى و نبرر السرقة، كانت تقضي دقائق كثيرة على الهاتف تتحدث مع الرجال و تتدلع عليهم، و رغم سماعي لها باذني في مرة من المرات و رغم قوة شخصيتي وجرأتي التي تصل احيانا الى حد الوقاحة، الا انني لم افتح الموضوع معها او مع احد افراد المنزل و التمست لها العذر وهو انها بعيدة عن زوجها! كانت تستلف منا مبالغ كبيرة و تتعثر في تسديدها ومع ذلك لم نكن نرى الموضوع بشكل سلبي ابدا، كانت تقضي ساعات و ساعات جالسة في الصالة الرئيسية امام شاشة التلفاز تتابع البرامج المختلفة و خاصة (ستار اكاديمي!) و كنا نبتسم أمامها و نحن سعيدين لسعادتها، كانت تقول لي رأيها بملابسي دائما قبل خروجي من المنزل و ياما سمعت رأيها و غيرت البلوزة التي لا تليق بالبنطرون!  

كنا سعيدين بالمحبه الكبيرة التي تظهرها لنا و لم نكن نرى كل هذه الاخطاء! كيف؟ لماذا؟ ماالسبب؟ لا ندري! جميع افراد منزلنا يتمتعون بشخصية قوية و يستفزون لأبسط الأخطاء، الا أخطاء انيتا!

قبل عام، و بشكل مفاجئ، تعثرت صحة أنيتا، وأدخلت الى المستشفى مباشرة، صدمنا و احزننا ما حدث، ضلت في المستشفي فترة تقارب الشهر، كانت تعاني من مرض منعها من استمرارها في ممارسة عملها في منزلنا، و هذا يعني بالتالي رجوعها الي موطنها بعد قضاء 16 عاماً في منزل اسرة كويتية 


قبل ارسالها للمطار، اضطررنا الى تجميع حاجياتها بأنفسنا و تجهيز حقائبها، دخلنا غرفتها، لملمنا حاجياتها و رتبنا أغراضها في شنط السفر، كانت نفسية أنيتا متعبة جدا فلم تتحمل فكرة ابتعادها عن منزلنا، ونحن كذلك، كنا مستائين لرحيلها


خلال عملية توضيب أغراضها، لفتت انتباهنا ورقة مرصوصة ببعض الاحجار الغريبة، ماهذا الشيئ؟ هل هو من اغراضها المهمة التي يجب ان توضع في الشنطة ام لا؟ فتحنا الورقة لنعرف الاجابة، و اذا بطلاسم لسحر مرت عليه سنين عديدة و هو قابع في منزلنا


 سحر جعلنا طيلة هذه السنين لا نرى الخطأ، سحر جعلنا نحبها لنوفر لها بيئة عمل مريحة، سحر جعلها تمارس حياتها الطبيعية كما لوكانت في بلدتها، سحر لم يضر فرد في المنزل و لم يزوجها رجل كويتي كما يفعل الكثير من الخدم و انما سحر  جعل انيتا تعيش في منزل كويتي و كأنها المعزبة و من في المنزل أهل المعزبة





الأربعاء، 24 يونيو 2009

راكان .. من أي نوع كان ؟


راكان انسان مسالم، طيب القلب، من عائلة معروفة اجتماعيا بمكانتها المرموقة و سمعتها الطيبة. كان راكان صديق من بين مجموعة اعتدنا ان نقضي أوقاتنا معا. بدأت علاقتنا كمجموعة في عام ١٩٩٩، كانت صداقتنا نحن الخمسة جميلة كصداقة باقي الشباب في مثل عمرنا و كانت صداقتي براكان كباقي المجموعة فلم يكن المميز بينهم، الي أن قررنا السفر عام ٢٠٠١ الي فرنسا لقضاء اجازة الصيف هناك


كنا سعيدين بسفرنا كشلة أصدقاء، خاصة و انها المرة الاولى التي نجتمع فيها سويا خارج الكويت، مرت ايامنا في فرنسا بشكل جميل، رغم بعض المجادلات و الخلافات البسيطه التي لا تخلو منها سفرات الشباب الذين هم في مثل سننا. لكن تأِثير الخلاف نفسيا على راكان كان كبير، رغم انه لم يكن طرفا بها


شعرت بتقرب راكان لي خلال السفر بشكل كبير، خاصة مع زيادة الخلافات بين المجموعة، كان يعبرلي عن استيائه من بعض المواقف التي تحصل بين الشلة الا اننا كنا رغم كل ذلك مازلنا نقضي اوقاتا ممتعة معهم


ازدادت علاقتنا قوة أنا و راكان لدرجة اننا اردنا ان نتقاسم نفس الغرفة في الشقة التي استأجرناها هناك. و بزيادة احاديثنا الودية داخل الغرفة تلك و بزيادة حدة الخلافات مع بقية المجموعة خارج الغرفة .. وصلت علاقتي براكان لأبعد حدودها


ازدادت علاقتنا لدرجة انه كان يظل جالسا بجانبي اينما جلسنا، ازدادت علاقتنا لدرجة انه اذا كنت اتناول شيئا لذيذا يتـذوقه مني مباشرة باستخدام ملعقتي دون ان يقرف! ازدادت علاقتنا لدرجة انه اذا قطعنا اشواطا كبيرة بالسيارة بين مدن فرنسا كان يضع رأسه على كتفي و يغفى مثل الطفل، ازدادت علاقتنا لدرجة انه عندما يستمع الا اغنية جميلة كان ينظرالي و يقول لي "أهديها لك" ، ازدادت علاقتنا لدرجة انه اذا مشينا طويلا سيرا على الاقدام كان يمسك يدي بحميمية و أحيانا يضع يده على كتفي اثناء سيرنا، كنت استغرب من بعض ما يدور بيننا و لكن معزته لدي كصديق، جعلتني ارى الامور بعدم سلبية،  الى أن توجهنا في احدى الليالي الفرنسية لغرفتنا للننام، و استلقى كل منا على احد أطراف السرير ذو الحجم الملكي الذي نتقاسمه، لأتفاجأ بتقرب راكان من زاوية نومي على السرير و وضع يده على ظهري، و رجله اليمني على رجلي اليسرى و ذهابه في سبات عميق!



هل وصلنا الي ما بعد الحدود الطبيعية للصداقة أم كانت مشاعر راكان اتجاهي كمشاعر اي صديق لصديق مقرب؟


هل الانسان الشاذ يكون قد ولد شاذاَ و عند وصوله لسن معين يبدأ البحث عن الآخر؟ ام أن الحميمية الزائدة هي التي تولد الاحساس الشاذ في الصداقات الطبيعية؟


لم أجد اجابه في ذلك ألحين، و لكني اكتشفت اجابات عديدة بعد ذلك من خلال مواقف اخرى سوف اسردها لكم لاحقاَ






الأحد، 21 يونيو 2009

دلال .. ذكرى أجمل من نهاية


لطالما آمنت بالصداقة ما بين الرجل و المرأة، و كانت هي أقوى ايمان..


٨ سنوات قضيناها سوياً، درسنا معا، عملنا معا، ضحكنا و حزنا معا، اشركتها في كل تفاصيل حياتي و اشركتني في كل لحظات حياتها، نتواصل يوميا من خلال الهاتف، مقابلاتنا في الاماكن العامة، الايميلات. حتى اصبحت جزء رئيسي في يومي. كانت الشيء الجميل في حياتي، تذوقني كل طبق تتقنه، ، لطالما وعدتها بالمثل ولكن للأسف لم اذوقها شيء من اكلات منزلنا! اذا شعرت بانني حزين لا توقف اتصالاتها، و لم تكن قط مصدر زعل لي، اتذكر في مرة من المرات صدمني موقف غريب منها لم تقصده، و بينت لها غضبي من خلال الهاتف، ولم تمر ساعة زمن حتى وجدتها امام مقر عملي لتعتذر عن ما بدر منها، كانت قلب كبير، صورة جميلة، طباع محافظة ، انسانة راقية .. و مع ذلك، لم نصارح بعض طوال  الـ ٨ سنوات بمشاعر عاطفة حب، نعم كنا اصدقاء، و أفضل أصدقاء


كنت اصارحها بمشاعري اتجاه الاخرين، و كانت تصارحني و تأخذ رأيي بمن يتقدم لخطبتها، كان قلبي ينقبض بعض الشيء عندما تأتيني بهذه السيرة، هل لأني مغرم بها؟ ام خوفاَ من فقدانها؟  لم أكن متأكد..


لم نتخيل انفسنا كأزواج، قد يكون السبب هو علمنا بعدم توافق عائلاتنا في النسب، و قد يكون السبب هو ايماننا بأن الاشياء الجميلة من المهم أن تضل ذكرى جميلة، و ليس أن تنتهي نهاية جميلة


الا أن جاءتني بيوم من الايام لتصارحني باعجاب زميلها بها، و نيته لخطبتها، كان الزميل من خيرة الرجال، تربطني به علاقة معرفة، فرحت لها، و لكني هلعت، هلعت لعلمي الى أي مدى هذا الرجل جيد، لدرجة انه قد يرتبط بها و تبتعد عن حياتي .. و فعلاَ ابتعدت


ابتعدت بعد ان اتفقنا على ان نبتعد، ابتعدنا لأننا نعلم انه الى هذا الحد يجب ان نتوقف، صداقة الرجل و المرأة قد تكون مقبولة، ولكن بعد ارتباط أحدهم يفضل ان تكون مقتولة


 و ذهبت مع زوجها و لم اعد اجدها حولي، لم أجدها وقت نجاحاتي الاخيرة، لم اجدها عندما اريد ان ابشرها بأن حلمي الذي سردته في يوم من الايام لها، و الذي تمنينا سويا ان يتحقق، فعلا تحقق! لم اجدها لأقول لها بأني متعب و بحاجة صداقتها، لم أجدها لتطمئنني بسعادتها بالحياة، لم اجدها لأقول لها بأنني قد كنت من بين المدعوين لـعرسها، و انني قد باركت لزوجها و قلت له بالحرف "الله يتمم عليكم، انت خوش انسان و ربي بيعطيك على قد نيتكو لا يمكن لربي أن يجزيه بشيء أروع من وجود دلال بحياته


باذن الله ستضلين معه، و باذن الله ستضلين ذكرى بيضاء جميلة في حياتي..



الجمعة، 19 يونيو 2009

تــجــربــة الــمـوت



 أعشق تجربة كل شيء مميز  ..  و أحاول أن أجرب كل شيء مميز .. و ها أنا على أعتاب أكثر التجارب تميزا .. تجربة الموت


كانت الساعة الحادية عشر مساءاً عندما شعرت بذلك المغص الذي يزورني دائما و اتجاهلة، و لكن هذه المرة لم أستطع تجاهلة، لم يسمحلي بتجاهله .. و ما هي الا ساعات قليلة حتى كنت مع الدكتور الذي عاينني و اختار لي موعدا قريب ليشرح لي به تفاصيل المي .. المي الذي اتضح انه بدأ تأثيره الجبار علي أروع ما لدي ..  حياتي!


 قررت أن لا أعود للدكتور و أن لا أكشف الخبر لمن حولي، قررت أن لا أريد أن اعالج، طالما المرض قد اكتسح اعضائي، سوف استمتع بكل دقيقة باقية، سأعيش ما تبقى كما عشت السنوات الماضية، حتى أجد نفسي قد عجزت عن الحراك و أن حياتى قد بدأت عدها التنازلي الفعلي، حياتي التي طالما اعتبرتها الأمتع و الأجمل و الأروع .. حياتي التي جعلتني دائما أتساءل عن سبب توفيقي بهذه الدنيا رغم عدم حسن نواياي بشكل دائم ، فأنا انسان طبيعي لي جانب خٍٍيًر و جانب غير خيًر .. و لكن حياتي لم تكن طبيعية ، بتجارب غير طبيعية .. و نجاحات غير طبيعية .. لخصت تعب أعوام كثيرة في أقل من ٣٠ عام 


ربما يكون المرض الذي كتبه لي ربي .. سبب نجاحاتي المبكره .. فشكرا لك يا رب على نعمة المرض و على نعمة الحياة الجميلة التي لا أعتقد بأنني سأعيش جمالها لو حييت أكثر


سأسرد الكثير عن حياتي، و عن خططي القادمة حتى تتوقف دقات قلبي، ما نويت عمله و ما سأنوي فعله .. قررت بعمر الـ ١٥ أن اكون انسان يذكر على مد الاعوام .. و اجتهدت بأن ارسم هذا الانسان .. و قبل أن تنتهي سنواتي .. سأكون قد اتممت ما أردت عمله – بأذن الله