الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

مشاري .. مو شاري


كان صديقي المقرب جدا .. تعرفنا على بعض عندما كنا في المرحله الثانويه ، يشبهني و أشبهه بكثير من الأمور و هذا التشابه جعله إحدى أصدقائي المقربين


كانت لمشاري معزه خاصه، فلم نكن شله أو من ضمن مجموعه أصدقاء .. كنا أنا و هو فقط .. بعد المرحلة الثانويه سافر مشاري الى بيروت ليكمل دراسته في الجامعة الأمريكيه هناك و كان يأتي للكويت كثيرا و كنت أزوره في بيروت أكثر


إنتهت المرحلة الجامعيه و عاد مشاري الى الكويت حاملا شهادته و الكثير من الشوق لحياة الصداقه التي كانت تجمعنا .. قررنا فورا بعد عودته أن نسافر الى لندن سويا، و نقضي إجازه لأول مره سويا خارج الكويت دون أن نرتبط بدراسه


ذهبنا الى لندن و قضينا أياما ممتعه جدا لا تنسى .. التقطنا العديد من الصور و ذهبنا الى العديد من الأماكن .. و عوضنا الـ ٤ سنوات التي عاشهم مشاري في الغربه .. عوضناها من قلب!


بعد عودتنا من لندن قرر مشاري أن يقدم على وظيفه و أن يبدأ حياته العمليه .. حاولت مساعدته قدر ما أستطيع في أن أجد له مكان يناسب طموحاته و لله الحمد وجدنا المكان و بقي اسبوع على موعد الدوام


في صباح أحد أيام الاسبوع التي سبقت موعد دوام مشاري، و في تمام الساعه ٦:٣٠ صباحا، استيقضت من النوم للذهاب الى الدوام و إذا بي أجد في هاتفي أكثر من ٢٠ اتصال من هاتف مشاري لم أرد عليهم!! شصاير؟؟ الله يستر


اتصلت عليه لأفاجأ بأخو مشاري يصيح و يبلغني بأن صديقي مشاري قد تعرض لحادث مروع في الفجر و إنه موجود في العنايه المركزه في حالة سيئه جدا


لم أتمالك نفسي و طرت الى المستشفي .. وجدت مشاري مرمي بدمائه على سرير في غرفه العنايه المركزه .. و قد تعرض لنزيف في المخ


قضيت نحو الاسبوع بجانب غرفه مشاري .. الى أن عاد اليه الوعي بعد اسبوع و فتح عينيه .. نظرت اليه و ابتسمت .. و قلت له: ولهان عليك! ماصارت نومه – فنظر الي باستغراب و سألني: منو انت؟


مشاري أصابه فقدان مؤقت في الذاكره على حسب كلام الدكتور .. كان يذكرني أحيانا و ينساني أحيانا كثيره .. كان يذكر إهله جيدا .. و لكن ينسى الكثير من تفاصيل الحياة اليوميه التي كان يقضيها


قضيت نحو الشهر بجانب مشاري .. من بعد الدوام الى الـ ١ فجرا و أنا بجانبه .. وفي عطل نهاية الاسبوع كنت أقضي جميع الوقت عنده حتى نومي! كنت أنام في القنفه الموجوده في غرفته بمستشفى مبارك


كان حال مشاري يتحسن يوم بعد يوم .. كنت أعمل له تمارين ذاكره بشكل يومي .. أوريه صورنا في لندن .. لا يذكرها! فأحكي له عن تفاصيل قديمه من أيام الدراسه .. فيذكرها! يذكر بيروت .. و يذكر قدومي له .. و لكنه نسي انه عاد للكويت


كانوا الدكاتره يصرون على أن حال مشاري يتحسن يوم بعد يوم .. و لكني لم أكن أراه طبيعيا .. نعم ذاكرته تحسنت .. و لكن أطباعه تغيرت! طريقة كلامه .. طريقه تفكيره .. لم يكن مشاري هو نفسه مشاري صديقي .. وكان أهله يروه كما أراه و لكنهم يحاولون عدم التعمق في ذلك الاحساس .. قد يكونون أقرب منه في المنزل .. و لكني متأكد بأنني أقرب اليه نفسيا .. فحديثنا سويا و مواضيعنا المشتركه لا يمكن أن تكون الا بيني و بين صديقي العزيز مشاري


خرج مشاري من المستشفى بعد حوالي الشهرين .. و مازال نفسه مشاري الجديد .. تفاعله مع الاحداث تغير .. ذاكرته بدأت تتحسن رغم انه نسى ما حصل في المستشفى خلال الشهرين الا انه بدأ يتذكر أحداث حياته التي تسبق الحادث ..  ولكنه ليس صديقي القديم .. فكلما حاولت فتح مواضيعنا القديمه سويا أرى تجاوبه معها غريب .. بارد جدا .. و خالي من التفاعل .. و أحيانا أجده مستنكرا كلامي


و مرت الأيام .. و كلما زادت المدة بين اليوم و حادث مشاري .. كلما زاد مشاري في استنكار وجودي في حياته .. لم يكن يشعر بأن وجودي طبيعيا حوله .. فذاكرته قد استرجعت وقت معين في حياته .. قد لا أكون فيها صديقه الصدوق


أقنعت نفسى بأنه علي أن أتعود على هذا الحال .. بدأ مشاري يعمل في القطاع الخاص بوظيفه بسيطه تناسب حالته الصحية .. كان يتحسن يوما بعد يوم .. و كانت ذاكرته تتحسن أكثر فأكثر .. فمن لا يعرف مشاري قبل الحادث .. لن يشعر بغرابه شخصيته 

و لهذا فقد كون مشاري صداقات جديده كثيره في عمله .. فرحت لهذه الصداقات كثيرا .. فصديقي عاد طبيعي .. تقريبا!


لماذا تقريبا؟ لأنه تقريبا بدأ ينساني .. اشتدت علاقته بأصدقاء ما بعد الحادث .. و قلت علاقته بأصدقاء ما قبل الحادث .. ما سبب ذلك؟ ما التفسير؟ ما السر؟ لم أجد إجابه من أحد


حاولت كثيرا التودد لمشاري .. كان يرد علي باسلوبه الجميل .. لم يكن يحمل كرها اتجاهي أو اي مشاعر سلبيه .. و لكنه ببساطه .. لم يكن يحمل مشاعر صداقتنا سابقا .. أو بمعنى أصح .. لا يذكرها أو يشعرها


في اسبوع وفاتي .. يكون قد مرت تقريبا ٤ سنوات منذ آخر اتصال تم بيني و بينه  .. نعم، مشاري نسيني تماما و لكن لم يكن ذلك منه .. و إنما المرض الذي لا يبلي الله عباده به .. إلا لسبب


 أشتاق لمشاري .. أشتاق لحديثي معه .. أشتاق لأيامنا في بيروت و لندن .. و لكن ما يريحني اليوم إنه لن يتألم على فراقي .. فألم الفراق أشد مائة مرة من الاشتياق



الله يحفظكم و يحفظ مشاري




السبت، 24 أكتوبر 2009

الـوظـيـفـة: إمـام مـسـجـد


كان لي صديق يعمل في فرع أحد البنوك، و كنت أمر عليه الفرع أحيانا .. و في إحدى المرات التي كنت زايره فيها، جلست في مكتبه نسولف و إذا بعميل من عملاء البنك يدخل علينا، كان شكله يوحي بأنه ملتزم جدا دينيا، لحيه طويله غير مهذبه، دشداشه قصيره، علامه الصلاة على جبينه، كان من إحدى الدول العربيه، سأل العميل المتدين صاحبي بلهجة بلده: حاب آخذ قرض، ممكن تشوفلي كم البلغ اللي ممكن آخذه؟ - رحب به صاحبي و أجلس العميل بجانبي، استأذنت منهم للخروج من المكتب احتراما لخصوصية العميل، فرد علي العميل: لا بالعكس مافي مشكله أنا جاي أسأل سؤال عالسريع و أمشي – المهم، سأل صاحبي العميل: كم راتبك؟ - رد عليه العميل: ٥٥٠ دينار – ثم سأله صاحبي: وين تشتغل؟ - فرد عليه العميل: إمام مسجد يعني موظف بوزارة الأوقاف! - بصراحة استغربت من قدوم إمام مسجد لبنك يعتبر و يسمى ربوي ليطلب قرض صريح يدخله في جيبه!! لم أتمالك نفسي و سألته: معقوله إمام مسجد يدخل بنك ربوي يطلب قرض؟؟ فرد علي ببساطه بلهجة بلده: لا يغرك إللي أنا لابسه و وظيفتي كإمام مسجد، هذا كله لزوم الشغل بس، مثل ما انتوا تلبسون دشداشه و غتره أو أحيانا بدله و كرفته للدوام، أنا وظيفتي لباسها الدشداشه القصيره  و اللحيه الطويله و حفظ كم آيه عشان الصلاة .. يعني وظيفة ولازم أتقنها 


لزمت الصمت و شكرته كثيرا على حضوره و صراحته .. التي لولاهما لما عرفت سبب عدم سماحة كثار من رجال الدين في المساجد و غير المساجد و الذي تأكدت بعد رؤيتي للعميل بأنهم قد يكونوا موظفين مثله وضعوا ليلعبوا دور و يحملوا أمانه لا يفقهوا هيبتها


الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

ســجـــن ســاره


في عام ٢٠٠٤، كلفت في عملي بأن أكون مسئوولا عن مشروع صيفي يقام في الشركه من خلاله يستطيع الشباب ذكور و إناث من عمر ١٤ و حتى ١٨ الاشتراك و العمل معنا كموظفين في الشركه و ذلك بهدف إفادتهم خلال إجازه الصيف


إنظم إلينا ١٥ شاب و شابه، كانوا بكامل حماسهم و طاقتهم للعمل، جميعهم مرنين في التعامل، لطيفين، أشقياء و لكنهم ممتعين! كان من بينهم فتاة تدعى (ساره). كانت سارة معاقة ذهنيا، لا تستوعب حديثنا من أول مره، و لا تستجيب له كما يستجيب الجميع، كلماتها مفككه، جملها بطيئه. سألت الإداره عن كيفية انضمامها، و عرفت بأنها انضمت بناء على واسطه أحد الزملاء في الشركه. حرصت على أن أعاملها بشكل مغاير دون أن أشعرها بإعاقتها أو اختلافها عن المجموعه، دمجتها معهم، و لكني كنت أراقبها بإهتمام


بدأ العمل الصيفي مع المجموعة اللطيفه، و كأي مجاميع يعملون مع بعض، كانت هناك لحظات رائعه، و هناك لحظات جميله ، و لحظات أخرى جيده، و طبيعي أن تكون هناك لحظات سيئه و هي حينما يتعارك شباب المجموعه مع بعضهم أويتناجرون و يتداحرون! و لكن بشكل عام، كان المشروع و العمل ممتع جدا و ناجح جدا.


أما ساره .. فقد كانت منغمسه في  العمل مع المجموعه دون أن تسبب أي توتر، كانت مثالا للشابه الخلوقه، تتواجد في مكان العمل باكرا و قبل الجميع، و لا تخرج الا وهي منتهيه من جميع مهامها، لم تنجح في تكوين علاقات، و لم يحاول الآخرون مصادقتها، لم تكن ساره تعبر عن أي مشاعر سلبيه أو إيجابيه، كانت كالإنسان الآلي الذي يستجيب للطلب و يطبق! و لكن وجودها كان جميل بيننا و كانت الوحيده التي تسميني أستاذ من بين المجموعه!


بعد انتهاء المشروع الصيفي و خلال حفل الوداع، سلم علي الجميع و شكروا اهتمام الشركه بهم، كانت ساره في هذه الأثناء تقف بعيدا وحدها و تراقبني، انتظرت حتى رحل الجميع، ثم تقدمت نحوي و سألتني


ساره:  استاذ ميخالف أكلمك؟ 


رديت عليها: أكيد، قعدي خنسولف و أبيج تقوليلي عن اللي استفدتيه من المشروع الصيفي 


ساره: وايد وناسه استاذ، وايد استفدت .. بس.. (و أدمعت عيناها)


سألتها: شفيج ساره؟ 


ساره: استاذ في شي أبي أقوله لك


سألتها: قوليلي


ساره: إستاذ أنا أسمع دايما أهلي يقولون عني معاقه و عقلي مو طبيعي، و هم وأنا هني أسمع البنات و الشباب يقولون نفس الشي و يضحكون علي  بس ترى في شي محد يعرفه، لا اللي هني و لا أهلي حتى


سألتها بذهول: شنو هالشي؟


ساره: أنا أفهم كل اللي يقولونه .. و أنا مو نفس اللي اهمه يتوقعونه، أنا صج أتكلم و أعبر جذي .. بس ترى مافيني شي .. و أتضايق وايد لما أحد غصب يقول عني جذي (ثم بدأت تبكي بحرقة و أكملت) أنا أهلي دخلوني مدرسة خليفه مالت الناس المعاقين،  و بالبيت ما يخلوني أسوي شي، و لا يعاملوني مثل باجي اخواني، لأنهم يحبوني وايد يحسسوني  اني مو طبيعيه و يخافون علي من كل شي، بالغصب خلوني أشترك بالصيف معاكم، و أنا زعلانه اني برجع البيت و برجع نفس أول جني معاقه .. مشكور استاذ .. مشكور وايد لأنك خليتني حالي حال الباجي، الله يخليك لا تقول حق أحد انني قلت لك هالكلام .. الله يخليك .. و أنا عمري ماراح أنساك استاذ .. مشكور


وعادت ساره الطبيعيه الى عالمها المتخلف .. عادت ساره الحره الى سجنها


الله يحفظ ساره و يحفظكم


الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

أبي IPOD يونسني بقبري!


 قبل وفاتي بأسبوع تقريبا، ناديت صديقي الذي يباشر المدونه في الوقت الحالي، و قلت له: عندي أمنيه – رد علي: آمر؟؟ طلبت منه أن يأتيني بلاب توب، و أن يدخل الى موقع غوغل، و البحث عن شكل قبر أحلامي! - و ما أن وريته الصورة، حتى أتتنا هيستيريا من الضحك، فلحبي الشديد بالموسيقى و إيماني بأنها غذاء للروح كلما اعتلت، تمنيت أن يكون قبرى مزود بآى بود .. ليونسني، مثل ما كان يونسني و أنا أمشي على اليال أيام ما كنا بالمالديفز .. استغفرالله يا ربي . و بعد أن هدأنا من الضحك، بدأت أقترح بعض الأغنيات التي أحبها ليتم إضافتها في أي بود قبري .. و كأنه فعلا ستتحقق الأمنيه!


فرغم حجم المأسآة التي تحيط بي و بعائلتي، إلا إنني جعلت من موتي أضحوكه، فالموت هو استمراريه الوجود .. ولو كل شخص منا تذكر انه سينتهي في يوم ما، لحول جميع أيامه فرحا و سعاده ليذكرونه من حوله بها – الله يحفظكم



الاثنين، 19 أكتوبر 2009

(الجزء الخامس) خمسه وعدوني و أخلفوا .. آخرهم مايكل!


أما الشخص الخامس .. فهو الاسطورة مايكل جاكسون، نعم مايكل جاكسون .. وعدني و اخلف!


قبل وفاته بأربع ايام - و قبل وفاتي أنا بعدة أسابيع - اتصل علي أثنان من اصحابي من لندن، حيث يقضون اجازتهم، و اقترحوا علي ان اذهب اليهم لمدة اسبوع للتغيير من روتين العمل و حضور حفل مايكل جاكسون الذي سيقيمه هناك .. بصراحة راودني شعور غريب ، هل من يعاني مثل معاناتي يمكنه ممارسه حياته كما كان يمارسها حتى يعجز عن ذالك؟ ام ان عليه ان يمتنع عن بعض المتع الدنيويه و يتوجه الى ربه بشكل مكثف و كأنه تائب من أفعال شنيعة؟ و اذا اختار أن يتمتع، فهل تصل لمرحلة حضور حفل جاكسون في لندن؟؟ نعم!! لم لا؟؟ نعم سوف اذهب لمدة اسبوع الى لندن و قد تكون اخر سفره مع اصحابي و اخر وجود لي في معشوقتي لندن .. سوف اذهب للندن لحضور حفل مايكل و لوداع كل جزء جميل من لندن قضيت به طفولتي، وطالما انني من محبين الدنيا و متعها، فستكون هذه من لحظات متع الدنيا التي طالما طمعت بها


عندها دخلت على يوتيوب و رأيت فيديو يتحدث فيه مايكل عن سلسلة حفلاته التي سيعقدهم في لندن و يقول بآخر الفيديو  بأنه يحب جمهورة و وعدهم برؤيتهم قريبا .. و بما إنني من جمهوره .. فقد وعدني !


حجزنا تذاكر الحفل عن طريق الانترنت و انتظرنا الموعد و لكن مايكل أخلف، أخلف مايكل كما أخلفوا غازي و لطوفة و ماجد و أحمد .. كلهم اخلفوا .. لكنهم تركوا ما يذكرنا بهم و بمواعيدهم الجميلة


نعطي وعود و نحدد مواعيد، قد تأتي موعدها و لا نأتي نحن، و لكن يظل شيئ واحد .. انت .. انسانيتك .. كن جيد! اترك شيء تـنـذكر فيه بخير في مواعيدك .. اذا أجبرتك الظروف على أن لا تأتي..



الأحد، 18 أكتوبر 2009

رحلت عنكم، و عدت لكم



عدت لكم، و من قبري، سأتواصل معكم بكل ما وعدتكم به. قد يكون غريبا ما أقوله، و لكن هذا ما حصل، و ما سيحصل..



 لماذا انقطعت عنكم فجأة ؟ لأنه داهمني الألم مرة أخرى و لكنه لم يطرق الباب و انما كسره و دخل حياتي و تمكن منها، عرف أهلي بمرضي، توتر كل من حولي، و بدأ العد التنازلي الفعلي، سافرت الى الخارج بسرعة لعلي أجد علاجا، و لكني عدت و أغمضت عيني للأبد في مركز حسين مكى جمعة لعلاج السرطان، ذلك اليوم الذي لو وصفته مئه عام، لن أوفيه حقه بالقسوه



قبل وفاتي، كتبت ما يقارب الـ ٧٠ مقال و طلبت من صديق عمرى بأن يمررهم لكم بعد موتي من خلال مدونتي .. ٣٧٠ درجة .. سأحكي من خلالهم عن ما كل ما وعدتكم به .. و سأتواصل بروحي معكم .. و سأحكي لكم تفاصيل كثيره حدثت في حياتي، الى أن رقدت في سريري الأخير



غدا سوف أكمل لكم الجزء الخامس من قصصي مع الذين وعدوني و أخلفوا – الله يحفظكم



السبت، 11 يوليو 2009

(الجزء الرابع) خمسه وعدوني و أخلفوا .. آخرهم مايكل!


الشخص الرابع:


 زميلي احمد، يعمل معي بنفس المنظمة، تلاقينا في الطابق الذي اعمل به، اتى الى مكتبي ليعرفني على نفسه و يخبرني بأنه سيكون جارنا في الدور آتياَِِ من ادارة اخرى في الشركه.


دعوته للجلوس في مكتبي و ضيفته بعض الشوكولاته و تحدثنا في الكثير من امور الشركة، كنت سعيد بانتقاله لدورنا خاصة و ان الدور الذي أعمل به جديد و يخلوا من الموظفين و وجود أحمد سيسعدني بالتأكيد، ترك احمد مكتبي بعد نصف ساعة قائلاِ: "انا رايح بلدي بكره باجازة لمدة اسبوعين و أول ما ارجع راح اداوم عندكم و اكون جارك! فقلت له بأن هذا سيسعدني و انا بانتظار عودتك يا احمد! ، و سافر احمد لبلده..


بعد يومين اضافني أحمد في الفيس بوك و ارسل لي رسالة من خلاله قائلا:


{الرسالة مأخوذة كما هي من الفيس بوك} 


Hi (.....) i just want to tell you that it was really a pleasure to meet you and i wanna thank you for your kindness and amazing hospitality. I'm really looking forward to be your office neighbor! Now i`m in Jordan for two weeks and i`ll come back to work on March 8th


(: thanks again and take care




مروا ثلاثة اسابيع و لم يرجع احمد للكويت، يجوز مدد اجازته! 


ليس له حس في الفيس بوك و لم يرسل رسالة اخرئ! و آخر تعليق له على صوره كان قبل ١٠ أيام .. اين أحمد؟ 


بعد مرور شهر و نصف و خلال ساعات العمل، وصلني ايميل من ادارة الشركة، الايميل مرسل لجميع الموظفين، موضوعه: "وفاة الزميل أحمد جمال" .. انا لله و انا اليه راجعون


زميلنا احمد وافته المنية في بلده يوم امس، كيف توفى؟ سألت زملائه في الادارة التي يعمل بها، لأفاجأ بقصته المآساوية و هي انه فور وصوله لبلده شعر بآلام بمعدته و عند توجهه للدكتور اتضح انه يعاني من سرطان البنكرياس و أن المرض في مراحله المتقدمه، و فورا أدخل للمستشفى و تلقى العلاج اللازم و لكن القدر ادى دوره بعد سلسلة من جرعات الكيماوي المهلكة


 و رحل احمد، جاري الموعود..



{للحديث بقية - الجزء الخامس غدا}


الأربعاء، 8 يوليو 2009

(الجزء الثالث) خمسه وعدوني و أخلفوا .. آخرهم مايكل!


ثالث شخص:


زميلي في العمل "ماجد". ماجد زميل أجنبي تعرفت عليه في يوم الاحد، من احدى اسابيع عام ٢٠٠٤ من خلال اجتماع جمعنا سويا مع زملاء آخرين، و كأي اجتماع عمل، تخلل الاجتماع بعض المواضيع المستفزة، مما جعل ماجد يعيش في حالة من التحلطم بعد انتهاء الاجتماع، و كعادتي في اللقافة، توجهت لماجد و بدأنا نتجاذب اطراف الحديث، و استمر حديثنا لمده تقارب النصف ساعة، تحلطمنا سويا عن بعض عيوب الشركة، و حشينا قليلا عن بعض موظفيها .. كانت بيننا كيمياء صداقة من اول لقاء! عزمني على قهوة في مكتبة و اكملنا حديثنا هناك. طالت مدة الحوار لنخرج من جو العمل الى الحياة الخاصة ليخبرني بأن عقد قرانه على خطيبته سيكون في يوم الثلاثاء .. اي بعد يومين، وبأن والده ووالدته سوف يأتيان للكويت غدا خصيصا لحضور حفل عقد القران، و بشكل مفاجيء نظر الي و أردف "أنا عازمك! لازم تكون معانا انا و اصحابي و اهلي بهاليوم و نفرح مع بعض" وعدته بأن أكون موجود خاصة و ان ماجد اجنبي و وجود مجموعة حوله في مثل هذه المناسبات شيئ يسعده. و بعد ساعة من الثرثرة، عاد كل منا الى جو عمله على أمل أن نلتقي يوم الثلاثاء


وفي صباح يوم الاثنين وصل أهل ماجد من بلدهم و استقبلهم في المطار و وصلهم لشقته في السالمية و من ثم آتى للشركه في وقت متأخر مما اضطره للبقاء الى وقت متأخر كذـلك حتى ينتهي من عمله. صارت الساعة الـ ٩ و النصف مساءا و مازال ماجد في مكتبه في الشركه. و فجأة تذكر بأن عليه ان يتوجه للمصبغة قبل اغلاقها ليعطيهم بدله حفل عقد القران، و باقي على موعد اغلاق المصبغة نصف ساعة فقط! قرر ترك مكتبه و اللحاق على المصبغة. ركب سيارته و انطلق، كان توجُه ماجد للمصبغة و كان توجه القدر لماجد. فخلال قيادته، انسلخ التاير الامامي، واختل سير السيارة و انقلبت ٥ مرات عند مفترق طريق على الدائري السادس لتحط على الارض مهشمة لم يبقى منها سوى أشلاء من جسد ماجد و بقايا من خام بدلة العرس


و دفن ماجد في صباح يوم عرسه على يد والده الذي آتي خصيصا من بلده للاحتفال بزواج ابنه



{للحديث بقية - الجزء الرابع غداَ} 




الاثنين، 6 يوليو 2009

(الجزء الثاني) خمسه وعدوني و أخلفوا .. آخرهم مايكل!


ثاني شخص:


صديقتي لطيفة، تكبرني بسنتين، تعرفت عليها عن طريق احد الاقرباء، و كما ذكرت سالفا بأنني من المؤمنين بصداقة الرجل و المرأة و من منطلق ايماني، ربطتني صداقة بلطيفة عن طريق الهاتف و الانترنت، كانت طيبة لدرجة كبيرة، طيبة لدرجة ان قلبها الضعيف لا يتحمل اي انفعال، طيبة و كانت تعاني من ضعف في شرايين قلبها


بعد صداقة ٤ سنوات، اكتشفت بطريقة غير مباشرة قصة ملفقة من لطيفة بخصوص احدى المواضيع التي تجمعنا، كانت ردة فعلي جدا قاسية و كانت ردة فعلها جدا مؤثرة، اتصلت علي لتعتـذر فاغلقت الخط بوجهها، ارسلت الي رسالة في الماسنجر فـمسحتها من القائمة مباشرة (Block/Delete)، أرسلت لي ايميل طويل عريض تعتذر فيه عن ما بدر منها و بأنها لم تكن تقصد ايذاء مشاعري، و تعدَني اكبر من هذا الموضوع بكثير و ان ما يجمعنا هو صداقة و اخوة اكبر من اي شيء . لم احتمل كلامها في ذلك الحين من فرط الغضب، رديت عليها بجملة واحدة و هي انني لا اريد ان اتعاطى معها الآن، فردت علي بايميل آخر كان محتواه:


(مأخوذ مباشرة من الايميل الأصلي)


ra7 akhalleek al7een bas welli e3afeeeeeekkk la tiz3al minni .. bakhalleeek le`anni adri feek shkether im3assib w maloomik saddignyy .. bas 3ogob isboo3 barja3 akalmik w ghasbin 3alaik bitkallimniii .. inta okhoooy w 3omri ma astaghni 3annik


وعدتني انها سترجع بعد اسبوع، اسبوع لأهدأ و ستعود .. و مر اسبوع، اسبوعين .. ثلاثة اسابيع، و لم اسمع حس لطوفة! عزة نفسي بدأت تتضاءل .. بدأت اشتاق لحديث اختي و صديقتي، لماذا لم تتصل؟ هل  كان كلامي لها جارحاِ لدرجة انها قررت عدم التعاطي معي؟ . قررت ان اتصل عليها، و فعلا اتصلت، و اذا بهاتفها مغلق، بعثت مسج، لم ترد علي! استنكرت، توجهت الى الماسنجر و اعدت اضافتها، مر اسبوع و لم تدخل للماسنجر و لا حتى ردت علي مسج الهاتف، قررت ان ابعث ايميل، كان محتواه 


"La66oofa wainich? daggait 3alaich akthar min marra jehazich imsakkar, call me awal ma tigrain hal email”


و مر شهر و لم ترد! "على راحتها، خل تسوي اللي يريحها!” هذا كان رد فعلي 


بعدها باسبوع، استيقضت من نومي في يوم عادى للذهاب الى عملي، وكعادتي قبل خروجي من المنزل أن اتصفح الجرائد ، مسكت جريدة الوطن بين يدي و لكن للأسف لم استطع تصفحها في ذلك اليوم، لم استطع لأني وجدت اسم لطوفة في اعلان وفاة احتل ربع الصفحة الاولى من الجريدة


توفيت لطوفة بعد معاناة امتدت لأكثر من شهر، و لم اعلم طوال ذلك الوقت بأن لطوفة كانت تنقل من مستشفى الى آخر و من بلد الى أخرى املا في تفادي الجلطات المتتالية التي بدأت تصيب قلبها! توفيت لطوفة من مرض القلب،  قلبها الذي لم يتحمل قسوة شرايينه .. رحلت لطوفة و لم تتصل على كما وعدتني!



{للحديث بقية - الجزء الثالث غداً}




السبت، 4 يوليو 2009

(الجزء الأول) خمسه وعدوني و أخلفوا .. آخرهم مايكل!




اعذروني لأني انقطعت عن التواصل معكم خلال الاسبوع الماضي، فقد كان اسبوعا صعبا، عاد الالم، عاد لينهش بجسدي، و لكن ما جعلني استجمع قواي و اكتب اليوم،  هو وعدي لكم بأن اقص لكم الكثير عن ما مريت به، و اتمنى ان تعينني صحتي على استمرار التواصل معكم و ان لا أخلف بوعدي، كما أخلف خمسة أشخاص وعدوني .. و لم اجدهم في ذلك الموعد!


أن تتفق مع صديق على موعد، ومن ثم يأتي الموعد و لا يأتي الصديق .. شيء يسبب الضيق! و الضيق الاكبر هو عندما تعلم ان عدم مجيئه لم يكن لأنه مستهين في موعدك، و انما لأنه رحل لموعد آخر .. موعد مع القدر .. موعد لن يعود منه!


لماذا أخلفوا ؟  ما الرسالة التي أراد ربي أن يوصلها لي؟  و لماذا استرجعت ذكراهم الآن بالذات؟  أسئلة كثيرة تدور في نفسي،  لكن قبل الاجابة عليها، لأعرفكم عليهم أولا..


أول شخص:


 صديقي غازي، صديقي الذي لم أره حتى الآن. تعرفت على غازي عن طريق برنامج المحادثة  mIRC عام ١٩٩٨. كنت من المستخدمين المزعجين لهذا البرنامج! أكتب جمل غبية للعامة في قناة الكويت Kuwait# لدرجة انني كنت أطرد أحياناً من قبل المشرفين على القناة (OP)، و في احد الايام التي كنت امارس بها شغبي وصلتني رسالة خاصة من غازي يعبر بها عن مدى تاثره بجملي التي القيها و انها تسبب له هيستيريا من الضحكو من يومها صرنا اصدقاء


كنا في سن المراهقة، و كان صديقي المقرب في الانترنت، كنا نتحدث بالساعات عن مواضيع عديدة، مواضيع جادة، تافهة و ساخرة، و كان محور احاديثنا صديقته في المدرسة التي يعشقها و يريد التقدم لخطبتها لكن سنهم الصغير كان حائلا! استمرت صداقتنا ضمن اطار الانترنت لمدة ٦ اشهر و بعدها تحولت لصداقة اقرب حيث تبادلنا ارقام البياجر (هبة البياجر في ذلك الوقت) و بالتالي تحولت سوالفنا الى التلفون، وفي يوم خميس اتصل علي غازي ليقترح علي ان نخرج معا على العشاء فليس من المعقول ان نكون اصدقاء لمدة  ٦ أشهر دون ان نكون قد رأينا بعضنا بعد! و انهينا الاتصال على ان يمرني يوم الجمعة مساءا مع السايق بعد عودته من الشاليه لنذهب للعشاء سوياًِ في احد المطاعم


و في يوم الجمعة خلال جلوسي في صالة المنزل و متابعتي لفيلم في التلفزيون، تفاجأت بدخول امي للمنزل بحزن قائلة سمعتوا عن ولد الفلاني اللي توفي بحادث بـ ضباعية؟ الحادث صار جبال خالد و طارق عيال هدى!"


تسمرت في مكاني دون ان أنطق لمدة دقيقة ثم سألتها شـسـمه ؟ ردت علي غازي .. صغير كبرك!! اسم الله عليك" لم أرد عليها، و نهضت مباشرة من مكاني متوجهاًِِ نحو الهاتف، اتصلت نحو الـ ١٠ مرات متتاليه على بيجر غازي، لكنه لم يكن يعاود الاتصال!


ورحل غازي صديقي قبل موعد العشاء بساعات..




{للحديث بقية - الجزء الثاني غداً}




السبت، 27 يونيو 2009

سـحــر الـمـعــزبــة



عندما تخطئ كنا لا نرى خطأها، و عندما تفعل شيء جميل كنا نراه بروعة الدنيا! هذه باختصار كانت مشاعرنا اتجاه خادمة منزلنا  "أنيتا"


دخلت أنيتا منزلنا لأول مره قبل ١٧ عام آتية من بلدتها الفلبين، كانت في الـ ٤٢ من العمر، استطاعت بشكل مباشر الدخول الى قلوبنا، ليس لانها جيدة، و انما لأنها ببساطة " تدخل القلب " !


مرت السنين، كبرنا و كبرت انيتا، زادت متطلباتنا، و قل نشاطها، استقوت صحتنا و ضعفت صحتها، و لكن مازلنا نحبها


افادتنا كثيرا و افدناها اكثر، ضرتنا كثيرا و لم نضرها ابدا، كيف ضرتنا؟ بكل بساطة كانت تسرق بعض حاجياتنا و عند اكتشافنا، كنا نلتفت للناحية الاخرى و نبرر السرقة، كانت تقضي دقائق كثيرة على الهاتف تتحدث مع الرجال و تتدلع عليهم، و رغم سماعي لها باذني في مرة من المرات و رغم قوة شخصيتي وجرأتي التي تصل احيانا الى حد الوقاحة، الا انني لم افتح الموضوع معها او مع احد افراد المنزل و التمست لها العذر وهو انها بعيدة عن زوجها! كانت تستلف منا مبالغ كبيرة و تتعثر في تسديدها ومع ذلك لم نكن نرى الموضوع بشكل سلبي ابدا، كانت تقضي ساعات و ساعات جالسة في الصالة الرئيسية امام شاشة التلفاز تتابع البرامج المختلفة و خاصة (ستار اكاديمي!) و كنا نبتسم أمامها و نحن سعيدين لسعادتها، كانت تقول لي رأيها بملابسي دائما قبل خروجي من المنزل و ياما سمعت رأيها و غيرت البلوزة التي لا تليق بالبنطرون!  

كنا سعيدين بالمحبه الكبيرة التي تظهرها لنا و لم نكن نرى كل هذه الاخطاء! كيف؟ لماذا؟ ماالسبب؟ لا ندري! جميع افراد منزلنا يتمتعون بشخصية قوية و يستفزون لأبسط الأخطاء، الا أخطاء انيتا!

قبل عام، و بشكل مفاجئ، تعثرت صحة أنيتا، وأدخلت الى المستشفى مباشرة، صدمنا و احزننا ما حدث، ضلت في المستشفي فترة تقارب الشهر، كانت تعاني من مرض منعها من استمرارها في ممارسة عملها في منزلنا، و هذا يعني بالتالي رجوعها الي موطنها بعد قضاء 16 عاماً في منزل اسرة كويتية 


قبل ارسالها للمطار، اضطررنا الى تجميع حاجياتها بأنفسنا و تجهيز حقائبها، دخلنا غرفتها، لملمنا حاجياتها و رتبنا أغراضها في شنط السفر، كانت نفسية أنيتا متعبة جدا فلم تتحمل فكرة ابتعادها عن منزلنا، ونحن كذلك، كنا مستائين لرحيلها


خلال عملية توضيب أغراضها، لفتت انتباهنا ورقة مرصوصة ببعض الاحجار الغريبة، ماهذا الشيئ؟ هل هو من اغراضها المهمة التي يجب ان توضع في الشنطة ام لا؟ فتحنا الورقة لنعرف الاجابة، و اذا بطلاسم لسحر مرت عليه سنين عديدة و هو قابع في منزلنا


 سحر جعلنا طيلة هذه السنين لا نرى الخطأ، سحر جعلنا نحبها لنوفر لها بيئة عمل مريحة، سحر جعلها تمارس حياتها الطبيعية كما لوكانت في بلدتها، سحر لم يضر فرد في المنزل و لم يزوجها رجل كويتي كما يفعل الكثير من الخدم و انما سحر  جعل انيتا تعيش في منزل كويتي و كأنها المعزبة و من في المنزل أهل المعزبة





الأربعاء، 24 يونيو 2009

راكان .. من أي نوع كان ؟


راكان انسان مسالم، طيب القلب، من عائلة معروفة اجتماعيا بمكانتها المرموقة و سمعتها الطيبة. كان راكان صديق من بين مجموعة اعتدنا ان نقضي أوقاتنا معا. بدأت علاقتنا كمجموعة في عام ١٩٩٩، كانت صداقتنا نحن الخمسة جميلة كصداقة باقي الشباب في مثل عمرنا و كانت صداقتي براكان كباقي المجموعة فلم يكن المميز بينهم، الي أن قررنا السفر عام ٢٠٠١ الي فرنسا لقضاء اجازة الصيف هناك


كنا سعيدين بسفرنا كشلة أصدقاء، خاصة و انها المرة الاولى التي نجتمع فيها سويا خارج الكويت، مرت ايامنا في فرنسا بشكل جميل، رغم بعض المجادلات و الخلافات البسيطه التي لا تخلو منها سفرات الشباب الذين هم في مثل سننا. لكن تأِثير الخلاف نفسيا على راكان كان كبير، رغم انه لم يكن طرفا بها


شعرت بتقرب راكان لي خلال السفر بشكل كبير، خاصة مع زيادة الخلافات بين المجموعة، كان يعبرلي عن استيائه من بعض المواقف التي تحصل بين الشلة الا اننا كنا رغم كل ذلك مازلنا نقضي اوقاتا ممتعة معهم


ازدادت علاقتنا قوة أنا و راكان لدرجة اننا اردنا ان نتقاسم نفس الغرفة في الشقة التي استأجرناها هناك. و بزيادة احاديثنا الودية داخل الغرفة تلك و بزيادة حدة الخلافات مع بقية المجموعة خارج الغرفة .. وصلت علاقتي براكان لأبعد حدودها


ازدادت علاقتنا لدرجة انه كان يظل جالسا بجانبي اينما جلسنا، ازدادت علاقتنا لدرجة انه اذا كنت اتناول شيئا لذيذا يتـذوقه مني مباشرة باستخدام ملعقتي دون ان يقرف! ازدادت علاقتنا لدرجة انه اذا قطعنا اشواطا كبيرة بالسيارة بين مدن فرنسا كان يضع رأسه على كتفي و يغفى مثل الطفل، ازدادت علاقتنا لدرجة انه عندما يستمع الا اغنية جميلة كان ينظرالي و يقول لي "أهديها لك" ، ازدادت علاقتنا لدرجة انه اذا مشينا طويلا سيرا على الاقدام كان يمسك يدي بحميمية و أحيانا يضع يده على كتفي اثناء سيرنا، كنت استغرب من بعض ما يدور بيننا و لكن معزته لدي كصديق، جعلتني ارى الامور بعدم سلبية،  الى أن توجهنا في احدى الليالي الفرنسية لغرفتنا للننام، و استلقى كل منا على احد أطراف السرير ذو الحجم الملكي الذي نتقاسمه، لأتفاجأ بتقرب راكان من زاوية نومي على السرير و وضع يده على ظهري، و رجله اليمني على رجلي اليسرى و ذهابه في سبات عميق!



هل وصلنا الي ما بعد الحدود الطبيعية للصداقة أم كانت مشاعر راكان اتجاهي كمشاعر اي صديق لصديق مقرب؟


هل الانسان الشاذ يكون قد ولد شاذاَ و عند وصوله لسن معين يبدأ البحث عن الآخر؟ ام أن الحميمية الزائدة هي التي تولد الاحساس الشاذ في الصداقات الطبيعية؟


لم أجد اجابه في ذلك ألحين، و لكني اكتشفت اجابات عديدة بعد ذلك من خلال مواقف اخرى سوف اسردها لكم لاحقاَ






الأحد، 21 يونيو 2009

دلال .. ذكرى أجمل من نهاية


لطالما آمنت بالصداقة ما بين الرجل و المرأة، و كانت هي أقوى ايمان..


٨ سنوات قضيناها سوياً، درسنا معا، عملنا معا، ضحكنا و حزنا معا، اشركتها في كل تفاصيل حياتي و اشركتني في كل لحظات حياتها، نتواصل يوميا من خلال الهاتف، مقابلاتنا في الاماكن العامة، الايميلات. حتى اصبحت جزء رئيسي في يومي. كانت الشيء الجميل في حياتي، تذوقني كل طبق تتقنه، ، لطالما وعدتها بالمثل ولكن للأسف لم اذوقها شيء من اكلات منزلنا! اذا شعرت بانني حزين لا توقف اتصالاتها، و لم تكن قط مصدر زعل لي، اتذكر في مرة من المرات صدمني موقف غريب منها لم تقصده، و بينت لها غضبي من خلال الهاتف، ولم تمر ساعة زمن حتى وجدتها امام مقر عملي لتعتذر عن ما بدر منها، كانت قلب كبير، صورة جميلة، طباع محافظة ، انسانة راقية .. و مع ذلك، لم نصارح بعض طوال  الـ ٨ سنوات بمشاعر عاطفة حب، نعم كنا اصدقاء، و أفضل أصدقاء


كنت اصارحها بمشاعري اتجاه الاخرين، و كانت تصارحني و تأخذ رأيي بمن يتقدم لخطبتها، كان قلبي ينقبض بعض الشيء عندما تأتيني بهذه السيرة، هل لأني مغرم بها؟ ام خوفاَ من فقدانها؟  لم أكن متأكد..


لم نتخيل انفسنا كأزواج، قد يكون السبب هو علمنا بعدم توافق عائلاتنا في النسب، و قد يكون السبب هو ايماننا بأن الاشياء الجميلة من المهم أن تضل ذكرى جميلة، و ليس أن تنتهي نهاية جميلة


الا أن جاءتني بيوم من الايام لتصارحني باعجاب زميلها بها، و نيته لخطبتها، كان الزميل من خيرة الرجال، تربطني به علاقة معرفة، فرحت لها، و لكني هلعت، هلعت لعلمي الى أي مدى هذا الرجل جيد، لدرجة انه قد يرتبط بها و تبتعد عن حياتي .. و فعلاَ ابتعدت


ابتعدت بعد ان اتفقنا على ان نبتعد، ابتعدنا لأننا نعلم انه الى هذا الحد يجب ان نتوقف، صداقة الرجل و المرأة قد تكون مقبولة، ولكن بعد ارتباط أحدهم يفضل ان تكون مقتولة


 و ذهبت مع زوجها و لم اعد اجدها حولي، لم أجدها وقت نجاحاتي الاخيرة، لم اجدها عندما اريد ان ابشرها بأن حلمي الذي سردته في يوم من الايام لها، و الذي تمنينا سويا ان يتحقق، فعلا تحقق! لم اجدها لأقول لها بأني متعب و بحاجة صداقتها، لم أجدها لتطمئنني بسعادتها بالحياة، لم اجدها لأقول لها بأنني قد كنت من بين المدعوين لـعرسها، و انني قد باركت لزوجها و قلت له بالحرف "الله يتمم عليكم، انت خوش انسان و ربي بيعطيك على قد نيتكو لا يمكن لربي أن يجزيه بشيء أروع من وجود دلال بحياته


باذن الله ستضلين معه، و باذن الله ستضلين ذكرى بيضاء جميلة في حياتي..