الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

مشاري .. مو شاري


كان صديقي المقرب جدا .. تعرفنا على بعض عندما كنا في المرحله الثانويه ، يشبهني و أشبهه بكثير من الأمور و هذا التشابه جعله إحدى أصدقائي المقربين


كانت لمشاري معزه خاصه، فلم نكن شله أو من ضمن مجموعه أصدقاء .. كنا أنا و هو فقط .. بعد المرحلة الثانويه سافر مشاري الى بيروت ليكمل دراسته في الجامعة الأمريكيه هناك و كان يأتي للكويت كثيرا و كنت أزوره في بيروت أكثر


إنتهت المرحلة الجامعيه و عاد مشاري الى الكويت حاملا شهادته و الكثير من الشوق لحياة الصداقه التي كانت تجمعنا .. قررنا فورا بعد عودته أن نسافر الى لندن سويا، و نقضي إجازه لأول مره سويا خارج الكويت دون أن نرتبط بدراسه


ذهبنا الى لندن و قضينا أياما ممتعه جدا لا تنسى .. التقطنا العديد من الصور و ذهبنا الى العديد من الأماكن .. و عوضنا الـ ٤ سنوات التي عاشهم مشاري في الغربه .. عوضناها من قلب!


بعد عودتنا من لندن قرر مشاري أن يقدم على وظيفه و أن يبدأ حياته العمليه .. حاولت مساعدته قدر ما أستطيع في أن أجد له مكان يناسب طموحاته و لله الحمد وجدنا المكان و بقي اسبوع على موعد الدوام


في صباح أحد أيام الاسبوع التي سبقت موعد دوام مشاري، و في تمام الساعه ٦:٣٠ صباحا، استيقضت من النوم للذهاب الى الدوام و إذا بي أجد في هاتفي أكثر من ٢٠ اتصال من هاتف مشاري لم أرد عليهم!! شصاير؟؟ الله يستر


اتصلت عليه لأفاجأ بأخو مشاري يصيح و يبلغني بأن صديقي مشاري قد تعرض لحادث مروع في الفجر و إنه موجود في العنايه المركزه في حالة سيئه جدا


لم أتمالك نفسي و طرت الى المستشفي .. وجدت مشاري مرمي بدمائه على سرير في غرفه العنايه المركزه .. و قد تعرض لنزيف في المخ


قضيت نحو الاسبوع بجانب غرفه مشاري .. الى أن عاد اليه الوعي بعد اسبوع و فتح عينيه .. نظرت اليه و ابتسمت .. و قلت له: ولهان عليك! ماصارت نومه – فنظر الي باستغراب و سألني: منو انت؟


مشاري أصابه فقدان مؤقت في الذاكره على حسب كلام الدكتور .. كان يذكرني أحيانا و ينساني أحيانا كثيره .. كان يذكر إهله جيدا .. و لكن ينسى الكثير من تفاصيل الحياة اليوميه التي كان يقضيها


قضيت نحو الشهر بجانب مشاري .. من بعد الدوام الى الـ ١ فجرا و أنا بجانبه .. وفي عطل نهاية الاسبوع كنت أقضي جميع الوقت عنده حتى نومي! كنت أنام في القنفه الموجوده في غرفته بمستشفى مبارك


كان حال مشاري يتحسن يوم بعد يوم .. كنت أعمل له تمارين ذاكره بشكل يومي .. أوريه صورنا في لندن .. لا يذكرها! فأحكي له عن تفاصيل قديمه من أيام الدراسه .. فيذكرها! يذكر بيروت .. و يذكر قدومي له .. و لكنه نسي انه عاد للكويت


كانوا الدكاتره يصرون على أن حال مشاري يتحسن يوم بعد يوم .. و لكني لم أكن أراه طبيعيا .. نعم ذاكرته تحسنت .. و لكن أطباعه تغيرت! طريقة كلامه .. طريقه تفكيره .. لم يكن مشاري هو نفسه مشاري صديقي .. وكان أهله يروه كما أراه و لكنهم يحاولون عدم التعمق في ذلك الاحساس .. قد يكونون أقرب منه في المنزل .. و لكني متأكد بأنني أقرب اليه نفسيا .. فحديثنا سويا و مواضيعنا المشتركه لا يمكن أن تكون الا بيني و بين صديقي العزيز مشاري


خرج مشاري من المستشفى بعد حوالي الشهرين .. و مازال نفسه مشاري الجديد .. تفاعله مع الاحداث تغير .. ذاكرته بدأت تتحسن رغم انه نسى ما حصل في المستشفى خلال الشهرين الا انه بدأ يتذكر أحداث حياته التي تسبق الحادث ..  ولكنه ليس صديقي القديم .. فكلما حاولت فتح مواضيعنا القديمه سويا أرى تجاوبه معها غريب .. بارد جدا .. و خالي من التفاعل .. و أحيانا أجده مستنكرا كلامي


و مرت الأيام .. و كلما زادت المدة بين اليوم و حادث مشاري .. كلما زاد مشاري في استنكار وجودي في حياته .. لم يكن يشعر بأن وجودي طبيعيا حوله .. فذاكرته قد استرجعت وقت معين في حياته .. قد لا أكون فيها صديقه الصدوق


أقنعت نفسى بأنه علي أن أتعود على هذا الحال .. بدأ مشاري يعمل في القطاع الخاص بوظيفه بسيطه تناسب حالته الصحية .. كان يتحسن يوما بعد يوم .. و كانت ذاكرته تتحسن أكثر فأكثر .. فمن لا يعرف مشاري قبل الحادث .. لن يشعر بغرابه شخصيته 

و لهذا فقد كون مشاري صداقات جديده كثيره في عمله .. فرحت لهذه الصداقات كثيرا .. فصديقي عاد طبيعي .. تقريبا!


لماذا تقريبا؟ لأنه تقريبا بدأ ينساني .. اشتدت علاقته بأصدقاء ما بعد الحادث .. و قلت علاقته بأصدقاء ما قبل الحادث .. ما سبب ذلك؟ ما التفسير؟ ما السر؟ لم أجد إجابه من أحد


حاولت كثيرا التودد لمشاري .. كان يرد علي باسلوبه الجميل .. لم يكن يحمل كرها اتجاهي أو اي مشاعر سلبيه .. و لكنه ببساطه .. لم يكن يحمل مشاعر صداقتنا سابقا .. أو بمعنى أصح .. لا يذكرها أو يشعرها


في اسبوع وفاتي .. يكون قد مرت تقريبا ٤ سنوات منذ آخر اتصال تم بيني و بينه  .. نعم، مشاري نسيني تماما و لكن لم يكن ذلك منه .. و إنما المرض الذي لا يبلي الله عباده به .. إلا لسبب


 أشتاق لمشاري .. أشتاق لحديثي معه .. أشتاق لأيامنا في بيروت و لندن .. و لكن ما يريحني اليوم إنه لن يتألم على فراقي .. فألم الفراق أشد مائة مرة من الاشتياق



الله يحفظكم و يحفظ مشاري




هناك تعليقان (2):

  1. احسدك على هالمشاعر

    عمرى ما تعلقت بصديقة ولا واهتم بالصداقات , ولا يهمنى شئ , خخخخخخخ , ,,, حلوة الجملة " عوضناها من قلب " شلون يعنى ؟؟

    ردحذف
  2. الصداقة شيء لا يقدر بثمن .. والحمد لله على سلامتكم

    ردحذف